في خطوة جديدة تضاف إلى مسيرة الأدب العربي المعاصر، صدر للكاتب الشهبي أحمد مجموعته القصصية بعنوان "تحت الركام" عن دار بسمة للنشر الالكتروني. وتأتي هذه المجموعة لتكون بمثابة نافذة جديدة تطل على عالم مليء بالضوضاء والفوضى، حيث تتداخل الأحداث وتتقاطع المصائر. في عالم يبدو غارقًا في المشاعر المتناقضة، تقدم "تحت الركام" فرصة للروح الباحثة عن الهدوء والتأمل.
قصص تعكس تجارب إنسانية عميقة
إنّ ما يميز مجموعة "تحت الركام" هو أنها ليست مجرد قصص تقليدية، بل هي تجارب إنسانية تنبض بالحياة. يفتح الكاتب من خلالها نوافذ على عوالم متباينة، حيث يلتقي القارئ بشخصيات تحمل همومها وآمالها، وتواجه تحديات الحياة بشجاعة. وعلى الرغم من تنوع الخلفيات الثقافية والظروف الاجتماعية للشخصيات، يبقى الهم الإنساني المشترك هو القاسم الأكبر بين الجميع.
تتناول القصص في هذه المجموعة مواضيع متعددة ومتنوعة، من الحب والخسارة، إلى الأمل واليأس، ومن الفرح إلى الحزن. كل قصة تحمل في طياتها لمحة من واقعنا اليومي، وتطرح أسئلة فلسفية عميقة حول معنى الحياة ووجودنا. في هذا السياق، تكون القصص بمثابة دعوة للتفكير في تجاربنا الشخصية ومعاناة الآخرين، مما يجعل القارئ يشعر بارتباط حقيقي مع ما يقرأه.
أسلوب سردي مميز وعميق
الأسلوب السردي للكاتب الشهبي أحمد في "تحت الركام" يتميز بالعمق والعاطفية، حيث يبدع في استخدام لغة شاعرية وصور حيوية تجسد المشاعر والأفكار بصدق وواقعية. إن هذه القصص ليست مجرد سرد للأحداث، بل هي دعوة للتأمل في جوهر الحياة. يتمكن الكاتب من نقل القارئ إلى عوالم الشخصيات بتفاصيل دقيقة، تجعله يعيش التجربة بكل حواسه.
يتميز الأسلوب أيضًا بالبساطة والعمق في آن واحد. كما يسلط الضوء على قدرة الكاتب الفائقة على استخدام الاستعارات والرمزية، مما يجعل التجارب الإنسانية التي يرويها تنبض بالحياة. الاعتماد على الحوار الطبيعي بين الشخصيات يعكس أصواتهم بشكل واقعي، مما يعزز التفاعل بين القارئ والأحداث ويعمق من فهمه للمشاعر المعقدة التي يعبر عنها.
فن السرد المتعدد
من أبرز تقنيات السرد في هذه المجموعة هو استخدام السرد المتعدد، حيث يقدم الكاتب وجهات نظر متنوعة تعكس التعقيد الإنساني. هذا الأسلوب يسهم في إبراز جوانب مختلفة من الشخصيات، ويتيح للقارئ فرصة التعرف على الأحداث من زوايا متعددة، مما يزيد من عمق التجربة القرائية. من خلال هذا التنوع، يتمكن الكاتب من استكشاف جوهر المشاعر والأفكار، مما يجعل كل قصة تجربة فريدة تدعو للتفكير والتأمل.
دعوة للتأمل والتفكير
إن "تحت الركام" ليست مجرد مجموعة قصصية، بل هي رحلة فكرية وعاطفية في أعماق الإنسان. وهي دعوة للقارئ ليقرأ ما وراء الكلمات، ليكتشف في كل قصة ما يلامس أوتار روحه، ولإعادة اكتشاف قدرة الأدب على التعبير عن أعمق مشاعر الإنسان. إن هذه المجموعة تبعث رسالة قوية عن أهمية التفكر في الذات وفي محيطنا، وعن ضرورة مواجهة تحديات الحياة بشجاعة وتفاؤل، رغم كل ما قد نواجهه من صعوبات.
إن مجموعة "تحت الركام" هي عمل أدبي يعكس بصدق وعمق التجربة الإنسانية بكل تعقيداتها. نوصي جميع محبي الأدب والمثقفين بقراءة هذه المجموعة، التي ستأخذهم في رحلة من التأمل والتفكير، وتفتح أمامهم أفقًا جديدًا لفهم العالم الداخلي للإنسان.
بقلم: الأستاذ جواد هروش
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.