بقلم الكاتب الشهبي أحمد
إن الطلاق قضية اجتماعية حساسة، تحمل في طياتها العديد من الآلام والآثار النفسية، ليس فقط على الطرفين المعنيين، بل على المجتمع ككل. لكن في الوقت الذي يُنظر فيه إلى الطلاق عادةً على أنه حدث يضر بالنساء بشكل أكبر، فإن الواقع يُظهر أن تأثير الطلاق على الرجال قد يكون أكثر دمارًا من تأثيره على النساء. وفي هذا المقال، سأناقش بعض القضايا التي تبرز في هذا السياق، مع التركيز على القوانين الحالية التي تُنظم الطلاق، والتي في كثير من الأحيان تساهم في تفاقم الوضع بدلاً من تحسينه.
الطلاق: دمار مزدوج
الطلاق في حد ذاته ليس حدثًا سهلًا، فهو يشكل نقطة تحول مؤلمة في حياة أي شخص. ولكن في المجتمعات الحديثة، التي تتبنى قوانين "الحرية الشخصية" والمساواة بين الجنسين، نجد أن الواقع يختلف تمامًا عما يُروج له. فالقوانين التي تفرضها بعض الدول في قضايا الطلاق، التي قد تبدو للوهلة الأولى عادلة ومتوازنة، غالبًا ما تفتقر إلى الحكمة وتدمر الرجل أكثر من المرأة، بل وتفاقم المعاناة لجميع الأطراف.
في واقع الأمر، تكشف هذه القوانين عن خلل كبير في فهم حقوق المرأة وحمايتها. فبدلاً من أن تُحسن هذه القوانين وضع النساء، نجدها تعزز من استغلالهن وتهميشهن، خاصة في المجتمعات التي تعتمد فيها النساء على العمل في المهن التي لا تحظى بالاهتمام الكافي من قبل الدولة والمجتمع، مثل العمالة الزراعية أو في المصانع.
الهدف الحقيقي وراء هذه القوانين
الهدف من العديد من هذه القوانين يبدو أكثر تعقيدًا من مجرد "التحقيق في المساواة". من الواضح أن هناك محاولة لتقسيم المجتمع إلى نصفين: نصف يدافع عن حقوق الذكور والنصف الآخر يدافع عن حقوق الإناث. وفي خضم هذا الانقسام، يتعرض المجتمع بأسره للضرر، لأن هذه القوانين لا تسعى إلى تحقيق العدالة الحقيقية، بل إلى خلق صراعات اجتماعية تؤدي في النهاية إلى تفكك الأسرة والمجتمع.
إن هذه القوانين، التي قد يظن البعض أنها تعزز من حقوق المرأة، في واقع الأمر تساهم في تفكيك الروابط الأسرية وتغذي الفجوة بين الجنسين، مما يضعف المجتمع ككل. وهذا هو الهدف الذي يبدو أن بعض القوى الغربية تسعى لتحقيقه، في محاولة لتقويض القيم الاجتماعية الأصيلة التي تقوم عليها المجتمعات الإسلامية والعربية.
الشرع الإلهي: المصدر الحقيقي للعدالة
في هذا السياق، لا يمكن تجاهل حقيقة أن العدالة الحقيقية لا تأتي من القوانين البشرية التي قد تتغير من وقت لآخر، بل تأتي من *الشرع الإلهي*. ففي الإسلام، أكرم الله تعالى الرجال والنساء على حد سواء، وأعطاهم حقوقًا وواجبات عادلة. فالمرأة ليست مجرد أداة للربح أو وسيلة للمتعة، بل هي شريكة حقيقية في بناء المجتمع، تستحق الاحترام والرعاية. لكن القوانين البشرية التي تحكم المجتمع اليوم لا تأخذ بعين الاعتبار هذه المعايير الشرعية، بل تعتمد على تقديرات بشرية قد تكون مغلوطة أو غير منصفة.
الطلاق في الإسلام، على سبيل المثال، ليس مجرد حدث قانوني، بل هو عملية مدروسة تهدف إلى حماية حقوق الطرفين، وتوفير العدالة لكليهما. وقد جاء القرآن الكريم ليحدد حقوق وواجبات كل من الرجل والمرأة، بما يضمن التوازن والإنصاف بينهما. هذه الحقوق لا يمكن أن تُختزل في قوانين مؤقتة تُنفذ وفقًا لمصالح دنيوية أو أهواء بشرية.
من أجل العدالة الحقيقية
إن الهدف من هذه القوانين ليس تحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين، بل دفع المجتمع نحو الانقسام والتفكك. وهذا ما يجب أن نفهمه جيدًا. إننا بحاجة إلى قوانين تحترم *الشرع الإلهي* وتحقق العدالة للجميع، بعيدًا عن الأهواء البشرية أو التأثيرات السياسية. إن المجتمع الذي يعتمد على القيم الإسلامية في تنظيم علاقاته هو المجتمع الذي يمكنه أن يعيش في سلام وتوازن، حيث يُكرم الرجل والمرأة على حد سواء.
إننا لا ننتظر من هيئات أو منظمات أن تفرض علينا حقوقنا وواجباتنا، فديننا قد حسم ذلك منذ قرون. فالله سبحانه وتعالى قد أكرمنا، وما علينا سوى أن نلتزم بتوجيهاته، التي تضمن العدالة لكل فرد في المجتمع.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.