جاء موعد العطلة البينية الرابعة، فقررت الذهاب إلى منزل الوالدين، غادرت مقر السكن في "الدوار" الذي أدرس فيه، و اتجهت نحو منزل السيد مصطفى الذي كنت قد حددت معه موعدا ليلة السبت كي يوصلني بجراره إلى قارعة الطريق (السيد مصطفى رجل من أهل الدوار يملك جرارا يوصلنا به إلى الطريق الرئيسية كلما سنحت له الفرصة بذلك)......
- و بينما أنا في طريقي سمعت صوتا خافتا يناديني : أستاذ، أستاذ ..... نظرت حيث مصدر الصوت ، فإذا به أحمد هو صاحبه (أحمد تلميذ أدرسه في المستوى الرابع)، اتجهت نحوه فوجدته يحمل في يده كيسا بلاستيكا كان قد وضع فيه قطعة خبز بها القليل من الزيت، و قنينة ماء...
-مرحبا أحمد، كيف حالك ؟ ماذا تفعل هنا بعيدا عن منزلك؟
-مرحبا أستاذ، هل يمكنني أن أرافقك إلى المدينة ؟
-علت وجهي ابتسامة خفيفة تعبر عن استغرابي من طلبه، ثم سألته : و لكن لماذا تريد الذهاب إلى المدينة ؟
- أمي مريضة جدا، و أبي متوفى، و قد سمعت جدي يقول لها البارحة أنه عندما يوفر بعض المال سيصطحبها إلى المدينة قصد زيارة الطبيب، و أنا أريد أن أذهب معك إلى المدينة كي أحضر لها الطبيب الذي يعالجها، فأنا لا أريد أن أفقد أمي كما فقدت أبي (كان يتحدث و الدموع تملأ عينيه البريئتين)
هنا تحولت فرحتي بزيارتي أهلي بعد طول انتظار، إلى حزن نزل كالصاعقة في جوفي بهذا الموقف الذي لم و لن أستطيع وصفه مهما تحدثت و عبرت عنه.......
- لن أذكر تتمة الأحداث، و لكن سأكتفي بالقول أن أم أحمد الآن بخير و الحمد لله، و كلما رأيت ابتسامة أحمد على وجهه أنسى كل المعاناة التي عشتها و أعيشها في سبيل تدريس أبناء الوطن .......

تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.