منذ قرون طويلة، يناقش الفلاسفة والعلماء الاجتماعيون مفهوم الحرية ودرجة تحكمنا في أفعالنا. هل نحن فعلاً نتحكم في أفعالنا ونصنع القرارات بحرية؟ أم أننا مجرد وحدات محددة بطرق ثابتة تتأثر بالظروف الخارجية والقوى الداخلية؟
هناك تياران رئيسيان في هذا النقاش: المُؤيدون للحرية التحديدية والمؤيدون للحرية الحقيقية. يعتقد أنصار الحرية التحديدية أن كل تصرفاتنا وقراراتنا محددة تحت تأثير قوى خارجية كالوراثة والتربية والبيئة. وفقًا لهذا المنظور، فإننا غير مسؤولين بشكل كامل عن أفعالنا وقراراتنا، وإنما نتحكم فيها إلى حد ما.
من جهة أخرى، يعتقد أنصار الحرية الحقيقية أن لدينا القدرة الحقيقية على اتخاذ القرارات وتحديد مسارات حياتنا. يرون أننا قادرون على تجاوز التأثيرات الخارجية والقوى الداخلية، وأننا نمتلك إرادة حرة تمكننا من اتخاذ قراراتنا بشكل مستقل ومسؤول.
يجب أن نأخذ في الاعتبار أن هذا النقاش مُعقّد ولا يمكن حله بسهولة. فالحقيقة تكمن على الأرجح في وسط الطريق، حيث إننا قد نتأثر بالظروف الخارجية والقوى الداخلية، لكننا لا نزال قادرين على التأثير والتحكم في حياتنا بشكل جزئي.
بصفتنا أفرادًا مسؤولين، ينبغي أن نتقبل التحديات ونسعى لفهم أفضل لنفسنا وللعوامل التي تؤثر على قراراتنا. يجب أن نسعى لزيادة وعينا وتوسيع آفاقنا، لكي نتمكن من اتخاذ قرارات أكثر توافقًا مع قيمنا وأهدافنا الشخصية.
في النهاية، نحن كأفراد مسؤولين عن أفعالنا وقراراتنا، وعلى الرغم من التحديات التي نواجهها، يجب أن نسعى لتوجيه حياتنا نحو الخير والنجاح وتحقيق أهدافنا الشخصية. قد يكون للظروف الخارجية والقوى الداخلية تأثير على قراراتنا، ولكن لا ينبغي أن نحكم على أنفسنا بأننا مجرد ضحايا لتلك الظروف. يمكننا استخدام الحرية الحقيقية التي نملكها لتحديد مسارنا والعمل على تحقيق الخير في حياتنا وحياة الآخرين.
باختصار، يمثل النقاش بين الحرية التحديدية والحرية الحقيقية تحديًا فلسفيًا مهمًا يطرح العديد من الأسئلة حول دورنا ومسؤوليتنا في تحديد مصيرنا. لا يمكن الوصول إلى إجابة نهائية بشأن هذا الموضوع، ولكن يمكننا الاستفادة من هذا النقاش لتطوير وعينا وتحقيق نمو شخصي.
بقلم الشهبي أحمد
مدون وكاتب رأي

تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.