التعلم بطريقة المشكلة (Problem-Based Learning) هو نهج تعليمي يركز على إشراك المتعلمين في حل المشكلات الواقعية والتحديات المعقدة كوسيلة لتعزيز التفكير النقدي وتطوير المهارات العملية. يعتبر هذا الأسلوب من أساليب التعلم النشطة التي تعزز التعلم الذاتي والبناء المعرفي للمتعلمين، ويعتبر تحولًا عن التعلم التقليدي القائم على الحفظ والتكرار.
تتميز طريقة المشكلة بخصائصها التالية:
1. التحدي المشكلة المحور: يتم تقديم مشكلة واقعية وغامضة تتطلب من المتعلمين البحث والتحليل والتوصل إلى حلول مبتكرة. يتم تحفيز المتعلمين على التفكير النقدي والاستقصاء والتعلم النشط ل
لوصول إلى فهم عميق للمفاهيم والمعارف المرتبطة بالمشكلة.
2. التعلم الذاتي والتوجيه: يتحمل المتعلمون دورًا نشطًا في عملية التعلم، حيث يتولون مسؤولية استكشاف الموضوع وجمع المعلومات وتحليلها. يتمكن المتعلمون من تحديد احتياجاتهم التعليمية وتحديد المصادر المناسبة للمعرفة، وذلك بتوجيه من المعلم الذي يعمل كموجه ومستشار.
3. التعاون والتفاعل: يشجع التعلم بطريقة المشكلة على العمل الجماعي والتعاون بين المتعلمين. يتشارك المتعلمون المعرفة والخبرات ويعملون معًا في مجموعات صغيرة لحل المشكلة. يتمكن المتعلمون من تطوير مهارات التواصل والعمل الجماعي وحل المشكلات الجماعية.
4. التطبيق العملي: يتم تطبيق المفاهيم والمهارات المكتسبة في سياقات واقعية. يتعين على المتعلمين تطبيق المعرفة في حل المشكلة وتوليد حلول فعالة وتقييم نتائجها. يساهم هذا في تعزيز التعلم العميق وتحقيق نقل المعرفة إلى سياقات جديدة.
يتضمن تنفيذ التعلم بطريقة المشكلة عدة خطوات، مثل تعريف المشكلة، وجمع المعلومات، واستكشاف الحلول المحتملة، واختيار وتنفيذ الحل المناسب، وتقييم النتائج. يعتمد نجاحاسلوب التعلم بطريقة المشكلة على توفير بيئة تعليمية مناسبة تشجع المتعلمين على التفكير النقدي والابتكار وتطوير المهارات العملية. يعزز هذا الأسلوب القدرات العقلية والاجتماعية والتواصلية للمتعلمين، ويمكن أن يكون له تأثير إيجابي على استمرارية التعلم وتحقيق النجاح في المستقبل.
من الأمثلة الواقعية لتطبيق التعلم بطريقة المشكلة في المجالات المختلفة، يمكن ذكر مثالًا من المجال الطبي حيث يتعين على طلاب الطب حل مشكلات مرضى حقيقية وتشخيص حالاتهم ووضع خطة العلاج المناسبة. يتطلب ذلك تحليل المعلومات السريرية المتاحة والاعتماد على المعرفة الطبية المكتسبة لاتخاذ القرارات الصحيحة.
في مجال الهندسة، يمكن للطلاب مواجهة تحديات هندسية معقدة مثل تصميم وبناء نموذج لجسر يتحمل وزن محدد أو حل مشكلة تلوث البيئة في منطقة معينة. يتعين على الطلاب تطبيق المفاهيم الهندسية والتفكير الإبداعي لإيجاد حلول فعالة ومستدامة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام التعلم بطريقة المشكلة في مختلف المجالات الأكاديمية مثل العلوم، والرياضيات، والفنون. يمكن للطلاب حل التحديات العلمية المعقدة، مثل إجراء تجربة عملية لدراسة تأثير معاملات مختلفة على نمو النباتات، أو تحليل البيانات الإحصائية واتخاذ القرارات المستنيرة.
التعلم بطريقة المشكلة يلعب دورًا هامًا في تطوير مهارات الطلاب على مستوى متعدد، فهو يساهم في:
1. تنمية التفكير النقدي: يشجع التعلم بطريقة المشكلة الطلاب على التفكير النقدي والتحليلي. عندما يواجهون مشكلة معقدة، يتعين عليهم تحليل الوضع، وتفسير البيانات، واستنتاج النتائج. يكتسب الطلاب المهارات اللازمة لتقييم الأدلة واتخاذ القرارات الصحيحة بناءً على التفكير العقلاني.
2. تنمية مهارات حل المشكلات: يعتبر حل المشكلات واحدة من المهارات الحياتية الأساسية. عندما يتعامل الطلاب مع مشكلة ويبحثون عن حلول، يتعلمون كيفية تحليل المشكلة إلى مكوناتها، واستخدام التفكير الإبداعي لتوليد أفكار جديدة، وتقييم الحلول المحتملة. تطوير هذه المهارات يساعد الطلاب على التأقلم مع التحديات في الحياة العملية والشخصية.
3. تعزيز المعرفة المستدامة: يعزز التعلم بطريقة المشكلة استيعاب المعرفة بشكل أعمق وأدق. عندما يتعامل الطلاب مع مشكلة ملموسة، يتعين عليهم استخدام المفاهيم والمعارف المكتسبة لحل المشكلة. هذا التطبيق العملي يعزز استدامة المعرفة ويعمق فهم الطلاب للمفاهيم التي يتعلمونها.
4. تعزيز التعلم النشط والذاتي: يعزز التعلم بطريقة المشكلة الدور النشط للطلاب في عملية التعلم. يتحمل الطلاب مسؤولية استكشاف الموضوع وجمع المعلومات وتحليلها. يتعلمون كيفية تحديد مصادر المعرفة واستخدامها بشكل فعال. يشجع التعلم الذاتي التفكير الانتقادي والتحليلي ويمكن الطلاب من أن يصبحوا متعلمين مستقلين ومستمرين.
5. تعزيز المهارات الاجتماعية والتعاونية: يشجع التعلم بطريقة المشكلة الطلاب على التعاون والتفاعل مع زملائهم. يتعاون الطلاب في مجموعات صغيرة لحل المشكلة، مما يعزز مهارات العمل الجماعي والتواصل الفعال. يتعلم الطلاب كيفية التفاوض والتعامع الآخرين وتقديم أفكارهم واحترام وجهات نظر الآخرين.
بشكل عام، يعتبر التعلم بطريقة المشكلة أسلوبًا فعالًا لتطوير مهارات الطلاب وتحقيق تعلم عميق ومستدام. يمكنه أن يؤدي إلى تنمية التفكير النقدي، وتعزيز مهارات حل المشكلات، وتعميق المعرفة، وتعزيز التعلم النشط والذاتي، وتعزيز المهارات الاجتماعية والتعاونية.
.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.