النظرية السلوكية (Behaviorism) هي إحدى النظريات التعلمية التي تركز على دراسة السلوك القابل للملاحظة وتأثير المحفزات الخارجية على تكوين وتعديل السلوك. وتقوم هذه النظرية على فكرة أن السلوك يمكن تشكيله وتعديله من خلال المكافآت والعقوبات التي تتعرض لها الفرد.
من أبرز المفاهيم والمبادئ التي ترتكز عليها النظرية السلوكية:
1. التعلم المشروط: تركز النظرية السلوكية على مبدأ التعلم المشروط الذي يعني أن السلوك يمكن تعديله من خلال ربطه بمحفزات خارجية. فعندما يتم ربط محفز معين بتجربة سلوكية، يتم تعلم استجابة جديدة لهذا المحفز.
2. تعزيز السلوك: تعزز النظرية السلوكية استخدام المكافآت والعقوبات لتعزيز أو تثبيت السلوك المرغوب. فعندما يتم مكافأة سلوك معين، يزداد احتمال حدوثه مرة أخرى، بينما عندما يتعرض لعقاب، يقل احتمال حدوثه في المستقبل.
3. التعلم بالملاحظة: بالإضافة إلى التعلم المشروط، تركز النظرية السلوكية أيضًا على التعلم بالملاحظة والنمذجة. فالأفراد يتعلمون من خلال مراقبة ومحاكاة سلوك الآخرين، وتكون لديهم القدرة على تكرار هذا السلوك بناءً على الملاحظة.
تطبيقات النظرية السلوكية في التعليم:
1. التعليم المبرمج: يستخدم النهج المبرمج في التعليم الذي يعتمد على تحديد أهداف تعليمية وتقديم المكافآت والعقوبات لتعزيز أو تثبيت السلوك المرغوب. يتم تحليل السلوك إلى وحدات صغيرة قابلة للتعلم تسمى "تعليمات البرمجة"، وتتم تقديمها بشكل متتابع لتعزيز تطوير المهارات والسلوك المرغوب.
2. الإرشاد السلوكي: يستخدم الإرشاد السلوكي المبادئ السلوكية في توجيه سلوك التلاميذ وتعديله. يركز على تحديد السلوك المرغوب وتحقيقه من خلال تحديد الأهداف وتقديم المكافآت والعقوبات المناسبة لتعزيز التغيير السلوكي.
3. تقويم الأداء والملاحظة: يمكن استخدام مبادئ النظرية السلوكية في تقييم أداء التلاميذ وتحسينه. يمكن تحقيق ذلك من خلال تحديد المعايير المطلوبة للأداء وتقديم الملاحظات والمكافآت المناسبة لتعزيز الأداء المرغوب.
4. تصميم الأنشطة التعليمية: يمكن توظيف مبادئ النظرية السلوكية في تصميم الأنشطة التعليمية. يتم تحديد الأهداف المحددة وتقديم التعزيز الملائم والمكافآت لتعزيز المشاركة النشطة والسلوك المرغوب من قبل التلاميذ.
رواد النظرية السلوكية:
النظرية السلوكية قد تم تطويرها وإثراؤها على مر السنين بواسطة العديد من الرواد والباحثين في مجال التعلم وعلم النفس. إليك بعض رواد النظرية السلوكية الأكثر بروزًا:
1. إيفان بافلوف (Ivan Pavlov): يُعتبر بافلوف رائدًا في مجال النظرية السلوكية، حيث قام بإجراء تجارب شهيرة حول تعلم الاستجابة الشرطية. قدم مفهوم التحفيز الشرطي والاستجابة الشرطية، وأظهر كيف يمكن تعلم سلوك جديد من خلال ربط المحفزات مع بعضها البعض.
2. بي.إف. سكينر (B.F. Skinner): يُعتبر سكينر واحدًا من أهم الرواد في مجال النظرية السلوكية. قدم مفهوم التعلم العملي (Operant Conditioning)، وأشار إلى أن السلوك يمكن تشكيله وتعديله من خلال المكافآت والعقوبات. وضع نظرية صندوق سكينر (Skinner's Box) لدراسة تأثير المحفزات الخارجية على السلوك.
3. ألبرت باندورا (Albert Bandura): يُعتبر باندورا واحدًا من الباحثين البارزين في مجال التعلم الاجتماعي وتطوير نظرية النمذجة الاجتماعية (Social Learning Theory). أظهر أن الأفراد يمكن أن يتعلموا من خلال ملاحظة ومحاكاة سلوك الآخرين، وأن النماذج الإيجابية والسلوك المعروض يؤثران في تكوين السلوك الجديد.
4. إدوارد ثورنديك (Edward Thorndike): كان ثورنديك أحد الرواد المبكرين في مجال النظرية السلوكية. قدم مفهوم قانون الأثر (Law of Effect)، والذي يشير إلى أن السلوك الذي يتبعه نتائج مرضية أو مرغوبة سيتكرر بشكل أكبر في المستقبل، بينما السلوك الذي ينتج عن نتائج غير مرغوبة سيقل احتمال حدوثه.
5. جون واتسون (John Watson): يُعتبر واتسون أحد الرواد البارزين في علم النفس السلوكي. قدم مفهوم السلوكية التجريبية (Experimental Behaviorism)، وأشار إلى أن السلوك هو العنصر الأساسي الذي يجب دراسته وقياسه في النظرية السلوكية.
هؤلاء هم بعض الرواد البارزين في مجال النظرية السلوكية. قدموا مساهمات هامة في فهم كيفية تكون وتعديل السلوك من خلال المحفزات الخارجية وعمليات التعلم. ومن خلال بحوثهم وأفكارهم، أسهموا في تطوير النظرية السلوكية وتطبيقاتها في مجال التعليم وغيرها من المجالات ذات الصلة.
مع ذلك، يجب الإشارة إلى أن النظرية السلوكية ليست النظرية الوحيدة المستخدمة في التعليم، وأنه يجب توظيف مجموعة متنوعة من النظريات والأساليب التعليمية لتلبية احتياجات التلاميذ المختلفة وتعزيز التعلم الشامل.
بقلم الشهبي أحمد
تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.