تعيش الشغيلة التعليمية حالة من الانقسام بشأن الحوار الذي دعت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى عقده مع النقابات التعليمية. فبينما تعتبر بعض التنسيقيات التعليمية أن الحوار يجب أن يتم مع التمثيليات الفئوية لضمان سحب النظام الأساسي الذي أثار احتجاجات وإضرابات في المدرسة العمومية، تعتبر تنسيقيات أخرى أن النقابات المشاركة في الحوار لا تمثل سوى أنفسها.
مصطفى الكهمة، عضو لجنة الإعلام الوطنية للتنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد، أعرب عن استيائه من مشاركة بعض النقابات في الحوار، معتبرًا أنها لا تمثل سوى أنفسها وتعتمد بيروقراطية نقابية لا تلبي احتياجات الشغيلة التعليمية. وعلى الرغم من ذلك، مستمرة الوزارة في التمسك بالحوار مع هذه التنظيمات، على الرغم من أن التنسيقيات تفوقت في التأطير والتعبئة على قدرات تلك النقابات. ورغم أن الحوار ليس هدفًا في حد ذاته، إلا أنها وسيلة للتواصل والتفاوض.
يشدد عضو التنسيق الوطني للتعليم على أن الالتفاف حول الحوار مجرد فرصة لتبديد الوقت ولتهدئة الأوضاع، بينما المطالب واضحة ولا تحتاج إلى حوارات جديدة لصياغة نظام جديد. ورفضت التنسيقيات المشاركة في صياغة النظام الأساسي بناءً على استشارة الأساتذة وأطر الدعم على المستوى الوطني، حيث توصلوا إلى أن الغرض من إشراكهم هو توريطهم كما حدث مع النقابات الأربع الموقعة على اتفاقية 14 يناير 2023.
وأكد أن الأمر يحتاج إلى إرادة سياسية لإيجاد حل من دون الحاجة إلى الاعتماد على حوار لا يؤدي إلى أي نتيجة. واعتبر أن الوزارة الوصية على قطاع التعليم ليست لديها نية للاستجابة للمطالب، وتراهن على الحوار لإعادة الأساتذة إلى الفصول، بينما يكفي الاستجابة لمطلب واضح بدلاً من سلسلة جديدة من اللقاءات.
وفي هذا السياق، صرح زهير هبولة، عضو المكتب الوطني لـ"التنسيقية الوطنية لموظفي وزارة التربية الوطنية المقصيين من خارج السلم"، أن الحاجة إلى مناقشة الأوضاع تتطلب التعامل مع التنسيقيات بدلاً من النقابات. وأشار هبولة إلى أهمية تضمين هذا الحوار جهات أخرى ممثلة، ولكن بشكل ديمقراطي ومنظم.
وأكد هبولة أن التنسيقية الوطنية لقطاع التعليم، التي تضم 23 مكونًا، هي التي دعت إلى الإضرابات وقادت حركة الاحتجاج. وأشار إلى أهمية أن يتم الحوار بشكل ديمقراطي ويستبعد البلقنة والفوضى. وأوضح أن كل تنسيقية لها هياكلها الوطنية وقد نجحت في أن تكون مؤثرة في العديد من الدول.
وأشار هبولة إلى أن الحوارات قد لا تؤدي إلى النتائج المرجوة، حيث إن فك الاحتقان ليس بمجرد إعادة فتح أسبابه القديمة، وأن النقابات لا تمثل جميع فئات التعليم. واقترح أن يتم التواصل مع التنسيقيات بشكل منظم من قبل الدولة، مشيرًا إلى أن ذلك قد حدث في الماضي عندما تحاورت وزارة الداخلية معهم واستمعت إلى مطالبهم، وكان ذلك مساهمًا في تقريب وجهات النظر.
بالتالي، يتضح أن هناك وجهات نظر متباينة فيما يتعلق بالحوار التعليمي، حيث تتمسك التنسيقيات بأهمية دورها وتفوقها في تمثيل الشغيلة التعليمية، بينما تعارض بعض النقابات هذه الفكرة وترى أن الحوار يجب أن يتم معها.
بينما أكدت النقابة الوطنية للتعليم انها لم تتلق أي دعوة رسمية لحضور الحوار من قبل الوزارة. وأشار يونس فيراشين إلى أن الحوار يجب أن يتم بشكل رسمي ومكتوب، وأن الوزارة هي التي تحدد الأطراف المشاركة في الحوار. ورغم ذلك، فإن النقابات ليس لديها مشكلة في مشاركة التنسيقيات في الحوار، ولكنها تصر على ضرورة معالجة النظام الأساسي وفق شروط جديدة، وبحضور رئيس الحكومة وقطاعات أخرى فاعلة في الشأن التعليمي.
وأكد فيراشين أن النقابات ملتزمة بالدفاع عن حقوق الشغيلة التعليمية، ولذلك تصر على وجود محضر يحرر في كل جلسة من جلسات الحوار. وأشار إلى أنه في الحوارات السابقة، تبين أن الوزارة تعرض النقاط المتفق عليها على قطاعات أخرى وتقوم هذه القطاعات بتعديلها، ولذلك يجب أن يكون الحوار شاملاً ويشمل جميع القطاعات المعنية لتحقيق إدارة أفضل لهذا الملف.
وبهذا يتضح أن هناك تحديات تتعلق بتنظيم الحوار التعليمي وضمان مشاركة جميع الأطراف المعنية. قد يكون من الضروري توفير آليات وإجراءات واضحة وشاملة للحوار، بالإضافة إلى توفير الشروط المناسبة والإشراف الفعال لتحقيق نتائج إيجابية وتلبية مطالب الشغيلة التعليمية.

تعليقات
إرسال تعليق
شاركنا رأيك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.