لصاحبها مارتن باج
أول ما يتبادر إلى أذهاننا بعد قراءة العنوان هو ، من هو هذا الذي يريد ان يصبح غبيا ؟ و كيف ؟ و لماذا ؟ هل حقا هذا العنوان صحيح ؟ ...
لم أكن أعلم ان التفكير يجرح ..
إبتسمت قليلا حين قرأت العنوان ، لكن إبتسامتي لم تدم طويلا ، و انا غارق في أحداث الرواية تغيرت نظرتي بشكل جذري...تذكرت أن من يزيد علمه يزيد ألمه...إن الذين يعتقدون أن الذكاء شيء من النبالة ، ليس لديهم بالتأكيد ما يكفي منه ليدركوا انه ليس سوى لعنة...إن التفكير ليس عملية طبيعية ، إنه يجرح كقطع الزجاج و الأسلاك الشائكة السابحة في الهواء...السعي لفهم كل شيء هو إنتحار إجتماعي أي ان يكف المرء من الإستمتاع بالحياة دون أن يشعر بنفسه مثل طير جارح...كل ما أبدأ صفحة من الرواية أتذكر قولا لدوستوفيسكي .."الذكاء مشكلة، والتفكير مرض، وشدة الإدراك لعنة حقيقية، كل وعي هو مرض"
رواية تدور احداثها حول شاب ذكي ومثقف ومتفوق، الا انه تعيس ويرى ان ذلك الذكاء سبب تعاسته وشقائه ولذلك يحاول ان يصبح غبيًا كي يتخلص من ذلك الشقاء ومن هنا تبدأ رحلة روائية درامية مرحة تنتهي منها "في جلسة واحدة".
عندما تعجز عن منع نفسك من التفكير من محاولة الفهم ، عندما لا يتيح لك عقلك أي راحة عندما يمنعك بتساؤلاته المستمرة و يوقظك في عز الليل بشكوكه ونقمته وسخطه عندما تحيا حياة بائسة لفرط التفكير عندما يصبح الذكاء و الوعي مصدرا للشقاء و البؤس ، هذه كانت جزءا من معاناة الشاب أنطوان الذي يقرر أخيرا أن يصبح غبيا بعد معاناة كبيرة مع هذا المرض حاول قبل هذا أن يتعاطى الكحول وان يصبح سكيرا لأن السكير لا يحتاج الى التفكير في حالة السكر لن يعود للفكر معنى كما أن المجتمع يشفق على السكيرين ويحظون بعناية إنسانية في حين لا يفكر أحد في الإشفاق على الأذكياء الذكي يراقب تصرفات الناس مما يجعل منه تعيسا عندما تكون سكيرا سيكون هناك أوجاع فعلية مصحوبة بعلاج فعلي بينما ليس هناك علاج للتسمم الذكائي بحث أنطوان كثيرا و إستعان في ذلك بسكير متمرس ليعلمه أسرار السكر ولكنه في النهاية أصيب بتسمم كحولي دخل على إثره الى المستشفى
قرر بعدها الإنتحار وأخذ من أجل ذلك دروسا في إحدى الجمعيات كان عدد الذين يريدون تعلم فن الإنتحار كثير ، وكانت هناك دكتورة تقدم تلك الدروس قالت أنه من حق الإنسان أن يختار موعد وفاته مشيرة الى انها لديها سرطان و انها لن تسمح لهذا الفيروس اللعين بأن يقرر موعد وفاتها وإستعانت بعدد الشخصيات العالمية الذين قرروا وضع حد لحياتهم منهم همنغواي
قرر انطوان في اللحظة الأخيرة عدم الإنتحار هو حقا لا يريد أن يعيش ولكنه في الوقت ذاته لا يريد أن يموت!
و في النهاية قرر أنطوان أن يصبح غبيا ليتخلص من هذا الهم أخبر أصدقائه بذلك أصدقائه غريبي الأطوار الذين كان يتبادل معهم النقاشات العلمية شرح لهم انه الآن يريد ان يكون أكثر جهلا بالقضايا و الوقائع يريد أن يعيش فقط لا أن يعرف حقيقة الحياة
لم يقصد أنطوان أن يهجر العقل مجانا كان هدفه المشاركة في الحياة وسط المجتمع كان يسير وفق عبارة سبينوزا لا تبكي لا تضحك لا تكره وانما فكر
سعى دائما عدم الحكم حتى على من اراد تجريحه أو إخضاعه لم يستطع أصدقائه منعه هذه المرة فأن تصبح غبيا أهون من السكر و الإنتحار
جميلة جدًا رفاق، غير مُملة وتقرأ بجلسة واحدة من 160 صفحة.
صدقني من الأفضل ان تصبح غبيا 😁
اقتباس :
" لم أعد أقوى على أن أكون أنا، لم تعد لدي الشجاعة ولا الرغبة في إمتلاك شخصية، الشخصية بذخ يكلفني غالياً جداً، أريد أن أكون شبحاً تافهاً، سئمت حريتي في التفكير ومعارفي ووعي الشيطاني.. "

جميل جدا
ردحذف